-->

هل اخترقت البوليساريو الساحة العربية ؟


بقلم : مبارك الفهيمي .
صحيح أن المعركة ضد الإحتلال المغربي تتمركز أساسا على التواجد القوي بمجموعة من الساحات الدولية خصوصا الأوروبية و الإفريقية وأمريكا اللاتينية وهذا ظهر بشكل واضح في التعينات الأخيرة بوزارة الخارجية الصحراوية , وعندما لا تشمل هذه التعينات العالم العربي فهي إشارة أن الساحة العربية لا تشكل أولوية في السياسة الخارجية الصحراوية . هذا التوجه المفهوم على كل حال نظرا أن الساحة العربية ليست فاعلة بقدر ماهي مفعول بها في المعركة السياسية التي تدور على أراضيها إذن فمن غير المتوقع إمكانية التأثير لحل النزاعات الإقليمية الأخرى . ولكن رغم هذا الوضع فهل نترك الحلبة العربية فارغة للعدو المغربي لكي يقدم لنخبة العرب ــ إن وجدت ــ خطاب أحادي لا يجد معارضا له ؟ وهل أصبح من الضروري معالجة الخطاب الصحراوي الموجه للفئة التي تستمع لخطاب الصحراويين ؟ .
لقد قدمت مجموعة من الاحداث التي عرفتها الساحة العربية ــ لها علاقة بالقضية الوطنية ــ إشارات أن الإحتلال المغربي لا يريد أي تواجد لصوت البوليساريو في منطقة المشرق العربي ولو كان بسيط , وحتى إن وجد فيجب أن يكون محدودا أو غير معقلن بالقدر الكافي , كونه يعتقد ــ أي الإحتلال ــ أن بيئة القمع وانعدام الحريات حاصرت خطاب لبوليساريو المرتكز على اللغة القانونية و الحقوقية , ومعتقدا كذلك أن الساحة العربية لا تفهم سوى لغة الدولار و السياحة الجنسية في مراكش و اكادير , وهو ما لا يتوفر في الطرف الصحراوي ــ ونحمد الله على ذلك ــ . فترك الإحتلال الساحة العربية متيقنا أنها معقل يصعب أن يتم اختراقه ولو جزئيا فحدث العكس , حيث نجحت مجموعة من الخطوات المحدودة في مناطق متفرقة كسبت من خلالها البوليساريو تضامنا هنا وتضامن اخر هناك , وعرفت كيف تبرز هذا التضامن إعلاميا , وهو ما لم يرضى به النظام الملكي في المغرب .
ولكن السؤالين الذي يجب على الأدمغة التي تسهر على توجيه السياسة الخارجية الصحراوية أن تطرحهما , أولا لماذا يجن جنون المخزن عند أي تواجد لــ البوليساريو في المشرق العربي ؟ وثانيا هل لهذا التواجد رغم بساطة تأثيره قوة تؤلم الإحتلال ؟ , هي أسئلة تؤكد أن جنون المغرب بعد كل خطوة نضالية تستهدف الساحة العربية دليلا قاطع أن الخارطة العربية مؤثرة ويجب أن تكون من ضمن الأولويات أو على الأقل اخرها لكي لا نقول في مقدمتها , وردة الفعل المغربية التي نتحدث عنها تظهر بعد زيارة وفد من البرلمان الصحراوي لجمهورية مصر العربية و الأزمة التي تلت ذلك بين الرباط و القاهرة , وظهرت بعد تأسيس اللجنة الفلسطينية للتضامن مع الشعب الصحراوي و الأحداث التي عرفها هذا الملف الذي لا زالت تطوراته مستمرة حتى اليوم .
أما بالنسبة للخطاب السليم الموجه للمواطن العربي فلا يجب أن يكون "إنسانيا " كالموجه للمواطن الأوروبي , فالمشرقي الذي يتعرض للقتل يوميا و الإختطاف و التعذيب و تجرب فيه جميع أنواع الأسلحة الفتاكة لا يمكنه أن يستمع لخطاب حقوق الإنسان و الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية !!! , لأن الخطاب الإنساني لن يكون مناسبا لكسب تضامن في الشارع العربي أو على الأقل الفئة المثقفة منه , بل يجب التركيز على الخطاب السياسي الإيديولوجي , و خطاب الفن و الأدب الذي يجيده الادباء و الشعراء , فهذان الخطابان في تصوري أساسيان في التعريف بالقضية أكثر من خطاب يدغدغ العواطف, بتالي فضرورة تجديد الخطاب السياسي الموجه للعالم العربي أصبح ضروريا , وعدم الخلط أو المقارنة بين عقلية المواطن الأوروبي و المواطن العربي , فالأول له بيئة خاصة تختلف من مجموعة نواحي عن ظروف الثاني الذي ضاق ذرعا من الازمات و الحروب .

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *