-->

“تقنين” زراعة المخدرات وبيعها برعاية ملكية في المغرب


يتيح مرسوم صادر في المغرب عام 1919 “تقنين” زراعة المخدرات وبيعها، مع بعض “الاشتراطات”، وإن كانت السلطات الآن تزعم أنه تم التخلي عن ذلك المرسوم- الذي يسمى ظهير شريف- بعد الاستقلال عن فرنسا، إلا أن المخزن لا يزال يستند إلى تلك الوثيقة لتبرير زراعة القنب الهندي، حتى أصحبت المملكة أكبر دولة منتجة للحشيش في العالم بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.
وبحسب “الظهير”، فإن زراعة الكيف لا يمكن أن تتم في المغرب إلا بإعلام السلطات بذلك، حيث يفرض “الظهير” على الفلاحين إبلاغ السلطات بالكمية التي يرغبون في زراعتها، في حين إن أي فلاح سيتعرض لعقوبات مالية في حالة زراعته للقنب دون ترخيص. هذا، وقد فرض “الظهير” تسليم غلة القنب الهندي كلها إلى الحكومة، وفي حالة اكتشف المراقبون نقصان الكمية المسلمة عن المزروعة، فإن الأمر يعتبر مخالفة وبناء على ذلك سيتم تحديد عقوبة مالية في حق الفلاح الذي لم يسلم الكمية كاملة لـ”صاكة التبغ”.

ومنذ سنة 1926، عرفت “الحشيشة” طريقها إلى معظم أراضي الشمال في حين كانت النبتة تزرع بقوة في منطقة الغرب والحوز- جنوبا وتسمى الآن مراكش- إلى غاية سنة 1954 حين أعلنت فرنسا منع زراعة القنب الهندي وذلك سنتين قبل خروج المستعمر الفرنسي، بينما بقيت النبتة في منطقة الريف والشمال، وذلك بسبب أن هذه الأراضي الوعرة التضاريس لا يمكنها احتمال أي زراعة أخرى غير القنب الهندي حسب رواية المخزن .
وبتاريخ 21 مايو 1974 يتم إصدار ظهير ملكي بمثابة قانون رقم 1.73.282، يتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين على هذه المخدرات وبتغيير الظهير الشريف الصادر في 2 ديسمبر 1922 بتنظيم استيراد المواد السامة والاتجار فيها وإمساكها واستعمالها.
ورغم ادعاء المغرب أنه شرع في تخفيض المساحات المخصصة لزراعة القنب الهندي، إلا أن الإحصائيات الدولية خاصة من الأمم المتحدة، تكذب ذلك، وهو ما تأكد في التقرير السنوي العالمي حول المخدرات لسنة 2016، الصادر عن مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة، الذي جاء فيه أن المغرب “لا يزال أول وأكبر منتج للحشيش الذي يصنع من نبتة الكيف التي تنتشر زراعتها في مناطق شمال البلاد”.
وكشفت معطيات المكتب المعني بالمخدرات الواردة في مارس 2016، أن المغرب أنتج ما يعادل 700 طن من القنب الهندي سنة 2013، وأن 47 ألفا و196 هكتار هي مساحة الأراضي المزروعة بالقنب الهندي في المغرب، مشيرة إلى إتلاف السلطات في المغرب نحو خمسة آلاف هكتار.
وتبدي شخصيات مغربية معتدلة، انزعاجها البالغ من تعامل السلطات العمومية تجاه ظاهرة إنتاج المخدرات، حيث قال عضو مجلس الإرشاد بجماعة العدل والإحسان المغربية، عبد الله الشيباني، في حديث سابق لـ “الشروق”، إن الحكومات المتعاقبة في بلاده لم تجعل من محاربة المخدّرات أولوية، مؤكّدا أن هذه الآفة القاتلة لا تبرز في الإعلام والحياة السياسية المغربية كقضية تحتلّ موقعا في الانشغالات الأساسية للدولة، ويثير القيادي في الجماعة علامات استفهام حول حديث المسؤولين عن حجز المخدّرات على الحدود، والترويج للإصلاح الزراعي بهدف التقليل من انتشار تلك السموم، بل يشدّد على أن الخطاب الرسمي بهذا الصدد، لا يعكس سياسة جريئة وجادّة، وإنما هو مجرّد علاجات موضعية للتسكين ليس إلّا.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *